غالباً ما يتفاجأ المواطنون العرب في العالم العربي عندما يكتشفون أن جماعة الإخوان المسلمين تنشط بحرية كاملة في الدول الغربية رغم عدائها الشديد للغرب وقيمه. السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف نجحوا في ذلك؟
وقد نجحت جماعة الإخوان في بناء حضور قوي لها في أميركا وإنشاء واجهات لها بمسميات مختلفة لإخفاء إرتباطها بالتنظيم كجمعية الطلاب المسلمي MSA التي تعنى بتجنيد الشباب في الجامعات، ومنظمات مثل CAIR و MAS و ISNA التي تقدم أنفسها على أنها منظمات أمريكية بحتة لا علاقة لها بالإخوان المسلمين وأن هدفها هو تمثيل الأقلية المسلمة في المجتمع والدفاع عنها. في الحقيقة ما تقوم به هذا المنظمات التي تسيطر على أغلب المساجد في أميركا هي إحتكار الصوت المسلم في أميركا وتوظيفه شاء أم أبى في خدمة الجماعة للوصول لمراكز القرار الأمريكية، بتجنيد أبناءها والحصول على دعمها المالي بحجة الدفاع عن المسلمين بينما هم في الواقع أكبر
خذوا على سبيل المثال صلاح سلطان، الذي هاجر إلى أميركا في منتصف التسعينات لينشط هناك في عدة جمعيات ”إسلامية“ ليباشر في العمل لبناء تنظيم الإخوان في المناطق التي سكن فيها. إذ عمل مدرساً في ولاية ميتشجان الجامعة الإسلامية الأمريكية ليترأسها لاحقاً، ثم ترأس مركز التعليم والفتوى الإسلامي في أوهايو، وهي الفترة التي نشط فيها في المسجد المحلي لإستقطاب الشباب المسلم للإنضمام إلى الجماعة.
رغم كل هذه النشاطات إلا أنه ظل ينكر لسنوات أي صلة له بجماعة الإخوان المسلمين. سر نجاحه هو وجماعة المسلمين هو إستغلال الفرقة الإيديولوجية بين اليمين المحافظ في أميركا و اليسار الليبرالي، حيث يقوم الإخوان بالتقرب من الليبراليين لإستغلال إنفتاحهم على الأقليات الدينية والعرقية ويصفون أنفسهم بأنهم الممثلون الشرعيون الوحيدون للإعتدال الإسلامي وأنهم أيضاً هم صمام الأمان ضد التطرف، ويحدث هذا تحت عناوين كحوار الأديان ومكافحة العنصرية إلخ.. ويستغل الإخوان إيضاً غباء وجهل اليمين المحافظ الذي ينظر إلى المسلمين جميعاً كإرهابيين من أجل الإلتحاف بعباية الليبرالية والإنفتاح الديني.
تكون النتيجة هي أن الليبراليين يقومون بالدفاع عن الإخوان ويرفضون التطرق إلى الفكر الإخواني بعد نجاح الأخوان بإقناعهم بأنهم قد تركوا تلك الأفكار منذ فترة بعيدة، وأن كل منقديهم مسلمين كانوا أم لا مدفوعون بدافع كراهية المسلمين والإسلام. المشكلة تكمن هنا في أن هذا الخداع والتدليس يأتي عادة بنتائج عكسية على المسلمين المقيمين هنا.
فعلى سبيل المثال عندما ظهر صلاح سلطان في ميدان التحرير جهاراً نهاراً على المنصة مع كل القيادات الإخوانية مثل يوسف القرضاوي، و إسماعيل هنية من حركة حماس، أقام اليمين الأمريكي الدنيا ولم يقعدها وأستخدم تلك الحادثة، خصوصاً بعد تعيين سلطان كمستشار لمحمد مرسي أثناء فترة حكم الإخوان لمصر، للتدليل على أنهم كانوا محقين في كل شكوكهم حول كل المسلمين، وأن كل المسلمين لن يتورعوا عن الكذب والغش والتدليس لتحقيق مآربهم، وأن كل كلام المسلمين عن التسامح وتقبل الآخر ماهو إلا مجرد خدعة.